يُعدّ الترادف من المسائل اللغوية الهامة التي سبر أغوارها العديد من علماء اللغة العربية ومفسري القرآن الكريم، حيث تشير كلمة الترادف إلى وجود كلمتين في اللغة تحملان نفس المعنى.

لقد أشار عدد من العلماء إلى أن الترادف يمكن أن يحدث في القرآن الكريم، ومن بينهم ابن السكيت والفيروز آبادي. ومن الأمثلة على الكلمات التي يظهر بينها ترادف هي “الحمد” و”الشكر”. في هذا المقال، سنستعرض الفرق بين الحمد والشكر، فتابعوا معنا.

الحمد والشكر

لقد أنعم الله تعالى على كافة الخلق بنعم لا تُحصى، مما يستوجب على كل إنسان الحمد لله سبحانه وتعالى على هذه النعم، التي قد تكون مادية أو معنوية، ويهدف الله من ذلك إلى خدمة الإنسان وإسعاده.

ما معنى الحمد؟

تكررت كلمة الحمد في القرآن الكريم بشكل ملحوظ، وقد حظيت هذه الكلمة باهتمام العلماء من حيث الشرح والتفصيل في معانيها.

في اللغة العربية، يُفهم الحمد على أنه عكس الذم، بينما في المعنى الشرعي، قدم العلماء آراء متعددة، حيث عرّف ابن القيم الحمد بأنه “إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه”.

بالإضافة إلى ذلك، يبدأ المصحف بكلمة الحمد في قوله تعالى في سورة الفاتحة: “الحمد لله رب العالمين”، مما يعود إلى ثناء الله على نفسه كي يتعلم عباده كيفية الحمد والثناء عليه. وقد فسر الطبري كلمة الحمد في هذه الآية كالتالي:

“الشكر خالص لله تعالى على النعم التي لا تعد ولا تُحصى، ولا يقدر غيره على إحصائها”.

وبعد ذلك، ذكر الله تعالى النعم المقدمة لعباده مثل الرزق والخير، وبعد أن تعرفنا على المعنى الدقيق للحمد، يمكننا فهم الفارق بين الحمد والشكر.

الحمد في اللغة

  • الحمد في اللغة مشتق من الفعل “حَمَدَ”.

    • ويعني حمد الشيء رضا الإنسان بالنعم.
    • أما حمد الله فيقصد به شكر الله عز وجل على نعمه التي أنعم بها.

الحمد في الاصطلاح

  • أما في الاصطلاح، فالحمد هو الثناء على النعم أو الإشادة بكمال صفات المحمود.
  • وقد أوضح العديد من العلماء أن الحمد لا يرتبط فقط بقول “الحمد لله”، بل قد يكون شعورًا داخليًا يشعر به الفرد عند إحساسه بالرضا والشكر.

ما معنى الشكر؟

  • يحتوي الشكر على العديد من الفضائل، فهو وسيلة لنيل درجات عالية في الجنة.
  • يُعرف الشكر في اللغة بأنه الاعتراف بالإحسان وظهور أثر العطاء.
  • الظهور هو جوهر معنى الشكر في اللغة.
  • أما في المفهوم الشرعي، فإن الشكر يُعبر عن إظهار أثر النعم الكثيرة من الله على العبد.

    • وهذا يكون عن طريق الإيمان الخالص بالله، والاعتراف بالنعم الكثيرة التي أنعم الله بها على عباده.
    • بالإضافة إلى طاعة الله من خلال الالتزام بأوامره والابتعاد عن النهى.
    • تعد هذه الأمور من الركائز الأساسية لتحقيق الشكر عند الله.
  • ومن خلال ذلك، يُظهر الشكر علاقة وثيقة مع الحمد.

    • ومع ذلك، هناك العديد من الفروق بين الحمد والشكر.
    • فالشكر يتضمن عدة محاور.
    • حيث يجب الاعتراف بالنعمة والقبول بها والثناء عليها.
    • ومعرفة النعمة تُعتبر بمثابة إدراك لقيمتها وأهميتها.
  • ويبقى السؤال، من الذي أوجد هذه النعم؟ عندما يتأكد العقل البشري بأن الله هو المنعم بجميع أنواع النعم.
  • حينها، يُعبر القلب عن إيمانه واللسان عن شكره، في حين أن قبول النعمة يُعد اعترافًا بأن النعم التي أنعم الله بها هي من كرمه سبحانه.

الشكر في اللغة

  • الشكُر في اللغة مشتق من الفعل “شَكَرَ”، ويعني الرضا والقدرة.

الشكر في الاصطلاح

  • أما الشكر في الاصطلاح، فإنه يُعرف بأنه رد المعروف أمام النعمة.
  • ويقترن المعروف بالشكر والثناء سواء كان باللسان أو اليد أو القلب.
  • كما أن الشكر يكون لمن أحسن إليك بذكر حسناته، فمثلاً نشكر الله بإقرار إحسانه إلينا وبصفاته.

الفرق بين الحمد والشكر

تباينت آراء العلماء في تمييز الفرق بين الحمد والشكر، فبعضهم اعتبرهما مترادفين لهما نفس المعنى، بينما رأى آخرون أنهما قد يتداخلان ولكن لهما معاني مختلفة، وبعض الأدلة التي تدعم ذلك هي:

  • الحمد هو عكس الذم، بينما الشكر هو عكس الكفران بالنعمة.
  • الحمد أشمل من الشكر:
    • حيث يُعتبر من الصفات اللازمة، كما في قوله تعالى: “الحمد لله فاطر السماوات والأرض”.
    • فهذا جاء لازماً، بينما في قوله تعالى: “الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير”، جاءت اللفظة متعدية.
    • بينما يعتبر العلماء أن الشكر لا يتصف باللزوم كالحمد، بل يكون متعديًا فقط.
  • تعتبر كلمة الحمد أكثر تحديدًا من الشكر في ما يتعلق بالأداة المستخدمة:

    • حيث يتم التعبير عن الحمد باللسان فقط.
    • في حين يمكن أن يتم الشكر بواسطة اليد أو القلب أو الجوارح.
  • كذلك، يكمن الفرق بين الحمد والشكر في أن الحمد لا يُعبر إلا عن علم، بينما الشكر قد يكون بناءً على ظن.

    • فمثلاً، عندما نعتقد شيئًا جيدًا قد وقع، نشيد بحمد الله ونشكره.
    • أو يمكن تقديم الشكر قبل وقوع الفعل، كأن يقرر أحدهم مساعدة شخصٍ ما، فيبدأ بشكره قبل أن تُنفذ المساعدة.

آثار وأقوال عن الحمد والشكر

  • وبعد أن تناولنا جميع الفروق بين الحمد والشكر، يجب أن نعرف أنهما من العبادات العظيمة التي تحظى بمكانة كبيرة عند الله عز وجل، إلى جانب وجود العديد من الآيات التي تثبت فضلهما.
  • يُعد الشكر من الوسائل التي تقرب العبد من ربه وتزيد من محبته، كما يعد أيضًا من أسباب زيادة الرزق والخير في حياة المؤمن، كما ورد في كتابه الكريم:

    • “وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم”، بالإضافة إلى العديد من الأحاديث والأقوال التي تناولت الحمد والشكر، ومن بينها:
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”.
  • وقال حمدون القصار رحمه الله: “الشكر أن ترى نفسك طفيليًا”.
  • قال الجُنيد رحمه الله: “الشكر أن لا ترى نفسك أهلًا للنعمة”.
  • كما قال أبو عثمان رحمه الله: “الشكر معرفة العجز عن الشكر”.