يُعتبر العدل في الإسلام من المبادئ الأساسية التي تُساهم في تحقيق السعادة للفرد والمجتمع. فهو واحد من المفاهيم الإدارية العميقة التي ينبغي علينا فهمها والوعي بها، لأهميتها في نجاح العمل الإداري في جميع مجالاته، سواء كان في التربية أو غيرها.

يشير الزهراني إلى أن الإنسان في حاجة مستمرة إلى تحقيق العدل والمساواة في مختلف جوانب حياته، حيث يتعامل مع أفراد مختلفين لا تربطه بهم أي صلة رحم، أو حتى معرفة سابقة.

عندما يكون شعار المجتمع هو العدل، فإن الأفراد يعيشون حياة مليئة بالطمأنينة، مطمئنين لعدم تعرضهم للظلم، وأنهم سيحصلون على حقوقهم بكل سهولة ويسر.

تعريف العدل

  • العدل هو عكس الجور، وفي السياق الشرعي يُعرف بأنه تطبيق أحكام الحكومة بحسب ما ورد في كتاب الله عز وجل.
    • وبحسب سنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
  • كما أن العدل لا يتجلى إلا في شرع الله، ويعني أداء الحقوق التي تجب.
    • مع المساواة بين المستحقين في حقوقهم، ومنح كل ذي حق حقه.

هل الإسلام دين المساواة؟

  • من الخطأ القول بأن الإسلام دين المساواة، بل هو دين العدل، إذ أن العدل يعني إعطاء كل ذي حق حقه.
    • أما المساواة المطلقة التي تُخالف العدل، فهي ليست من تعاليم الإسلام.
  • لذا نجد أن القرآن الكريم يُنكر المساواة في مواضع عدة، حيث قال الله تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم…) صدق الله العظيم، سورة النساء.
  • كما قال الله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل…) صدق الله العظيم، سورة الحديد.
  • لا يمكن أن يُعتبر العدل مساواة، إلا في حال عدم وجود فروق بينهم.
  • في معظم الحقوق، قد تتواجد المساواة كنوع من العدالة، لكن ليس بالضرورة أن تكون العدالة بمفردها مرتبطة بالمساواة، لذا فإن الإسلام يُعتبر دين العدل.

العدل صفة إلهية

  • قال الله تعالى: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة…) صدق الله العظيم.
  • وأوضح الله أيضاً: (إن الله لا يظلم الناس شيئاً…) صدق الله العظيم.
  • وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه…” صدق رسول الله.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة…” صدق رسول الله.
  • في الآية الكريمة: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا…) صدق الله العظيم، تُظهر كيف أنصف الله المشركين.
  • في تفكيركم، كيف أن الله سبحانه وتعالى لم يُنكر قولهم: “وجدنا عليه آباءنا” لأنه كان قولًا صحيحًا. إذ قال: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا…) صدق الله العظيم.
  • عندما قالت ملكة سبأ، في سياق حديثها عن الملوك الذين يقلقون بيوت الناس: “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها…” صدق الله العظيم.

صور العدل وأوجهه

للعدل ثلاثة أوجه، وهي:

  • العدل مع الله.
  • العدل مع عباد الله.
  • العدل مع النفس.
  • فالعدل مع الله هو عدم صرف شيء من حقه إلى عباده، لأن من يفعل ذلك يقع في ظلم قبيح.
    • من حقوق الله علينا أن نعبده وحده دون شرك.
  • عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: كنت ردف النبي صل الله عليه وسلم على حمار، فقال: “يا معاذ، هل تدري ما حق الله على العباد؟” وأجاب معاذ: “الله ورسوله أعلم.” فقال: “فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً…”

العدل مع النفس

  • في هذا الشأن، قال أبو جحيفة رضي الله عنه: “إخوة رسول الله صل الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فرأى سلمان أم الدرداء متبذلة…”
  • جاء أبو الدرداء إلى سلمان، وأعد له الطعام، فقال: “كل”، فرد عليه: “إني صائم”، فقال: “ما أنا بآكل حتى تأكل.” وعندما جاء الليل، قال سلمان: “نم…” وبمجرد اقتراب الليل قال سلمان: “قم الآن للصلاة.”
  • دعا سلمان أن يعطى كل ذي حق حقه، وهذا يبين أهمية العدل مع النفس كأساس للنجاح.
  • كما قال الله في المحكم: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم…” وضرب أصحاب النبي على أعناقهم، فسألوا: “أيُغضبني ظلم نفسي؟” فأوضح أن المقصود هو التخلي عن المحرمات.

العدل بين الأولاد

  • في صحيحي البخاري ومسلم، قال النعمان بن البشير رضي الله عنهما: “إن أباه أتى به رسول الله…” وسأله النبي: “هل فعلت هذا مع جميع أولادك؟” فرد: “لا.” فقال: “اتقوا الله وأعدلوا في أولادكم…”
  • أعاد الأب تلك الصدقة، وفي رواية أيضاً: “لا أشهد على جور.” أما ابن حبان فقال: “سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم في البر.”
  • هذا الحديث يوضح أن العدل بين الأولاد في العطاء والمال هو واجب، مع الاعتراف بوجود احتياجات خاصة لكل طفل.