تمييز الرحمن والرحيم
يُعرف أن الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى، والتي تتضمن العديد من الأسماء المذكورة في القرآن الكريم. من بين هذه الأسماء، نجد “الرحمن” و”الرحيم”. كلاهما من أسماء الله الحسنى ويستمدان معانيهما من صفة الرحمة، حيث يُظهران المبالغة والعمق في الرحمة الإلهية.
يشير اسم “الرحمن” إلى شمولية رحمة الله التي تشمل جميع مخلوقاته في الدنيا والآخرة. أما “الرحيم”، فهي تشير إلى الرحمة الخاصة التي ينعم بها الله على عباده المؤمنين. وفقًا لتفسير ابن كثير، قال أبو علي الفارسي إن “الرحمن” هو اسم عام يدل على جميع أنواع الرحمة التي تخص الله تعالى، بينما “الرحيم” يتعلق بالمؤمنين فقط، مستندا إلى قوله تعالى: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً). تبرز هذه المعلومات الفروق بين الاسمين حيث أن “الرحمن” يدل على رحمة أشد عمقا عائدة لكافة خلقه، بينما “الرحيم” خاصة بالمؤمنين.
كما يمكن القول إن “الرحمن” يشير إلى سعة رحمة الله، بينما “الرحيم” يدل على إيصال هذه الرحمة لخليقته. يذكر الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، أن “الرحمن” يُعبّر عن رحمة واسعة، باعتبار أن صيغة “فَعَال” في اللغة العربية تدل على السعة والامتلاء، مثل “رجل غضبان”. بينما “الرحيم” هو اسم يدل على الفعل لأنه يُعتبر “فعيل” بمعنى فاعل، مما يشير إلى الفعل ويعكس أن رحمة الله تتسم بالتوسع والشمول.
مظاهر رحمة الله العامة بالإنسان
تظهر رحمة الله تعالى بالخلق بوضوح من خلال عدة مظاهر، تشمل:
- خلق الإنسان في أحسن صورة، ومنحه الكثير من النعم التي لا تُحصى، مثل تمييزه بالعقل ليفكر ويميز بين الخير والشر، وبين النفع والضر.
- إيجاد كل ما في الكون لمصلحة البشر، ورزقهم بمصادر الخير، الأمر الذي يسهل عليهم العيش في هذه الأرض.
- إرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية للناس، بهدف توجيههم وإرشادهم إلى ما يحقق صلاحهم في الدنيا والآخرة.
- كما جعل الله -سبحانه- الرحمة والمودة في قلوب البشر، مما يجعل الأم تتعاطف مع ابنها، والأب يحب أولاده، وتظهر المحبة بين الأهل والأصدقاء، مما يعزز من ترابط الأسر والمجتمعات.
مظاهر رحمة الله بالمؤمنين
تتجلى رحمة الله تعالى بشكل خاص لعباده المؤمنين من خلال:
- توجيههم إلى الإسلام، وإرسال النبي محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لهم، حيث أن رسالة الإسلام هي رسالة إصلاح وتحقيق السعادة وأفضل العيش لأتباعها.
- مغفرته لذنوبهم، وزيادة حسناتهم، وإدخالهم الجنة يوم القيامة كجزء من جزاء إيمانهم وأعمالهم الصالحة. ورحمة الله للمؤمنين تُنال يوم القيامة لكل من أخلص له -عز وجل-، وقام بعبادته، وحرص على الأعمال الصالحة، والتوبة إذا ما أذنب.
- إرسال الملائكة الذين يسجدون بحمد الله، ويستغفرون لأهل الأرض. ويقوم حملة العرش منهم بالتسبيح لله، حيث يدعون للمؤمنين ويستغفرون لهم، لحمايتهم من عذاب النار، ويشفعون لهم عند ربهم لدخول الجنة.