الفرق بين صلاة التراويح وقيام الليل

يسأل العديد من الناس عن الفروق بين صلاة التراويح وقيام الليل. يتضح أن صلاة التراويح تُعتبر جزءًا من مفهوم قيام الليل، ولكنها تقتصر على شهر رمضان المبارك، بينما يُعرَف قيام الليل بأنه شامل لكافة أيام السنة. تُعرف صلاة الليل في بعض الأحيان بعبارات مثل قيام أو تهجد. لتوضيح الفرق بين هذين المصطلحين، من المفيد فهم التعريفات اللغوية والاصطلاحية لكل منهما.

صلاة التراويح

تُعتبر صلاة التراويح أحد أشكال قيام الليل خلال شهر رمضان. فيما يلي تعريفها ومعلومات عن وقت أدائها:

  • تعريف صلاة التراويح: تأتي كلمة التراويح من كلمة “ترويحة” التي تعني فترة من الراحة، وسُمّيت بهذا الاسم لأن المسلمين كانوا يستريحون بين الركعات عند شروعهم في أدائها. يُمكن اعتبارها صلاة قيام الليل في رمضان، وقد عُرف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يُكثر من القيام في هذا الشهر. ففي صحيح مسلم، تُروى عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: “كان رسول الله إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر”.
  • وقت صلاة التراويح: تظل صلاة التراويح مفتوحة من صلاة العشاء حتى طلوع الفجر الثاني في كل ليلة من ليالي رمضان، ويفضل تأخيرها إلى آخر الليل، حيث تتنزل فيه الرحمة من الله -عز وجل-، لتكون صلاةً مشهودة. وقد ذكر في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- قال: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له”، مما يجسد أهمية هذا الوقت من الخشوع والسكينة والتأمل في آيات الله -عز وجل-.

قيام الليل

يمكن تعريف قيام الليل كل من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية كما يلي:

  • قيام الليل لغة: يُقسم هذا المفهوم إلى قسمين؛ فالقيام يعكس عكس الجلوس، والليل يُعرف بأنه الفترة الزمنية التي تمتد من غروب الشمس حتى بزوغ الفجر.
  • قيام الليل اصطلاحاً: يُعرّف الفقهاء قيام الليل بأنه استغلال فترة من الليل بالصلاة أو أي نوع من العبادات، وليس من الضروري أن يكون الاستغراق في معظم الليل. وقد ذهب بعض العلماء، مثل ابن عباس -رضي الله عنه-، إلى أنه يمكن اعتبار أداء صلاة العشاء جماعة والعزم على أداء صلاة الفجر جماعة كقيام ليلي، استنادًا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله”. يُعتبر كذلك الانشغال بمعظم الليل أو جزء منه بالطاعة مثل قراءة القرآن أو سماع الأحاديث النبوية.

يوجد مصطلح آخر مرتبط بقيام الليل هو “التهجد”، والذي يعني باللغة النوم والسهر. يقال “هجد” للدلالة على النوم، بينما عندما يُقال “تهجد” يُقصد به الصلاة في الليل. في العلم الشرعي، يُعرف التهجد بأنه إحياء الليل بالعبادة بعد النوم، ويُعتبر صلاة تُؤدى ليلاً بشكل عام.

مشروعية صلاة التراويح وقيام الليل

اتفق أهل العلم على مشروعية صلاة التراويح، وقد استندوا إلى الحديث المتفق عليه الذي رواه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، حيث قالت: “أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاة، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى معه، حتى إذا كانت الليلة الثالثة لم يعجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الفجر”. في الليلة الرابعة، خشي رسول الله أن تُفرض عليهم صلاة التهجد.

تجدر الإشارة إلى أن الله -عز وجل- قد شرع قيام الليل ليتقرب العباد إليه ويناجوه، فصلاة القيام هي عبادة تُظهر حب العبد لربه وشغفه بالتواصل معه. خير مثال على ذلك هو محافظة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أداء هذه الصلاة رغم مغفرة الله -عز وجل- لذنوبه. لذا، تُعتبر صلاة قيام الليل سنة مؤكدة، ويُذكر أن الله -عز وجل- منح عباده أزمنة مباركة، منها شهر رمضان، التي تُعتبر فرصة لتقوية الروح وإعادة تنشيط القلب من خلال العبادة. عبر أداء صلاة التراويح، يُمكن للفرد الاقتراب من الله -عز وجل- وتعزيز إيمانه من خلال سماع آيات القرآن الكريم.