تعريف الوصية

تعتبر الوصية أو الإيصاء مصدراً للفعل وصّى وأوصى، ويتم تعريفها كما يلي:

  • الوصية في اللغة

هي تكليف شخص آخر للقيام بفعل معين خلال غياب المُوصي، سواءً كان ذلك أثناء حياته أو بعد وفاته.

  • الوصية اصطلاحاً

تعني التبرع بشيء معين أو منفعة، وتكون معلقّة على الوفاة، حيث تُعتبر تمليكاً من المُوصي – وهو الشخص الذي ينقل الملكية – إلى الموصى له – وهو من يحصل على الملكية.

تنقسم الوصية إلى نوعين بناءً على الإطلاق والتقييد كما يلي:

  • وصية مطلقة

وهي تلك التي لا تتقيد بشرط معين، كالمكان أو الزمان، مثل قول الشخص: “أوصيت لفلان بكذا”.

  • وصية مقيّدة

وهذه الوصية تكون مشروطة بتحقق شرط معين مثل الزمن أو المكان أو حالتهم غير الوفاة، مثل قول الشخص: “أوصيت لفلان بكذا إذا مت في مرضي هذا”.

تأثير الوصية على الميراث

تنقسم الوصية بناءً على تأثيرها على الميراث إلى قسمين حسب مشروعيتها؛ فالوصفة المشروع تؤثر في الميراث، وتُقدم في الأداء، بينما الوصية غير المشروع لا يُعتد بها ولا يجوز العمل بها، وبالتالي لا تؤثر على الميراث. سنوضّح فيما يلي هذين النوعين من الوصية بتفصيل أكبر:

الوصية المؤثرة على الميراث

لكي تؤثر الوصية على الميراث، يجب أن تتحقق فيها شروط معينة، وأن تكون مشروعة وفقاً لأحكام الفقهاء، ولهذا وضع الفقهاء عدة شروط تُميز الوصية المشروع عن غير المشروع، مما يجعلها مقدمة في الأداء على توزيع الميراث ذاته، وتشمل هذه الشروط:

  • شروط متعلقة بالموصي

تشمل هذه الشروط البلوغ، التمييز، العقل، الحرية، حسن النية، وألا يكون الموصي محجوراً بسبب السفه، وأن يكون دينه أقل من قيمة ماله.

  • شروط متعلقة بالموصى له

تتضمن هذه الشروط الأهلية للتمليك، الحياة خلال زمن الوصية، أن يكون الموصى له معلوماً اسماً أو صفة، وأن لا يكون قاتلاً للموصي إلا وفق شروط معينة.

  • شروط متعلقة بالموصى به

تشمل هذه الشروط أن يكون الموصى به ملكاً للموصي، وأن يكون شأناً مباحاً، وأن يُؤخذ في الاعتبار أن الملكية تعود حال الوفاة وليس قبلها – وإلا اعتبرت هبة.

عند تحقق كافة الشروط المذكورة، ترتبط الوصية قانونياً وتُمنح الموصى له الحق في تمليك الموصى به تبدأ من لحظة وفاة الموصي، وإذا رفض الموصى له تمام الأمر، فإن الأصول تعود إلى التركة، سواء كانت هذه الأصول عينية مثل النقود أو العقارات، أو منفعة مثل الانتفاع من الزرع.

الوصية غير المؤثرة على الميراث

هي الوصية التي تخالف شرطاً أو أكثر من الشروط المذكورة، ويمكن أن تأخذ عدة أشكال:

الوصية التي تزيد عن الثلث

تشير السنة إلى أنه يفضل لمن يملك مالًا قليلاً أن يتركه لورثته بدلاً من الوصية به، لأنهم أولى به من غيرهم. بينما من يمتلك ثروة كبيرة ويشملهم ورثة، يُستحب له أن يوصي بخُمس مالِه أو ربعِه، ويجوز له الوصية بالثلث.

لكن إذا تجاوزت الوصية مقدار الثلث، فتكون وصيته غير صحيحة، إلا إذا وافق الورثة على ذلك بعد وفاته.

ومع ذلك، يُستثنى من هذه القاعدة من ليس عليه ديون ولا ورثة، حيث يمكنه الوصية بكامل ماله ويمكن تنفيذ وصيته دون الحاجة لموافقة أي طرف، بينما من عليه دين، يجب أن تُقضى ديونه أولاً، وإذا استهلك ثروته، يتم تحويل الوصية إلى ما تبقى من التركة.

الوصية التي تخالف قواعد توزيع الميراث

إذا تعارضت الوصية مع القوانين الشرعية التي تنظم توزيع الميراث، فإنها تكون غير صحيحة ولا يُعمل بها، وبالتالي لن تُحضر أثر في الميراث، مثل وصية بتقسيم الميراث بالتساوي بين الذكور والإناث، والتي تُعتبر مخالفة لأحكام الشرع.

الوصية لوريث

تكون الوصية غير صحيحة إذا كان المُوصى له من ضمن الورثة، وفقاً لما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث”، إلا إذا أجازت الورثة ذلك بعد وفاة الموصي، فإنها تُعتبر هبة وليس ميراثاً.

الوصية الواجبة وتأثيرها على الميراث

تشير الوصية الواجبة إلى نوع من الوصايا التي تم إدخالها في بعض قوانين الأحوال الشخصية بالدول الإسلامية لتعالج قضية أحفاد المورث اليتامى، وقد أُعطيت صفة الوجوب، وتكون مقدمة في الأداء على الوصايا الأخرى الاختيارية. فإذا لم يوصِ الجد بميراث لأبناء ابنه المتوفى قبله أو مع الجد، يتم تنفيذها من قبل القاضي قبل أي وصايا أخرى اختيارية.

سبب استحداث الوصية ومستحقوها

أُدرجت هذه الوصية لمواجهة مشكلة أحفاد المورث اليتامى الذين لا يرثون عادة، بينما يرث أعمامهم وقد يكونون في حاجة، بينما أعمامهم يكونون في وضعٍ مختلف. كانت إضافة هذه الوصية في إطار التوجه للعدل في توزيع الميراث وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.

أما مستحقو هذه الوصية فهم الأحفاد الذين توفي والدهم قبل أو مع وفاة الجد أو الجدة، فإذا لم يوصِ الجد أو الجدة لهم بما يوازي نصيبهم، تُفرض عليهم الوصية وفقاً لأمر الله تعالى بنصٍ لا يزيد عن الثلث.

كما قال الله تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ”.

تقديم العمل بالوصية الواجبة على الوصايا الاختيارية

يجب تقديم العمل بالوصية الواجبة على الوصايا الاختيارية لأنها تتعلق بحقٍ للعباد، وهي تعتبر أوجب من الوصايا الاختيارية التي تهدف إلى الأجر والثواب، شريطة أن لا تتجاوز الثلث. إذا شمل الثلث مجموع الوصايا الواجبة والاختيارية، يتم تنفيذها جميعاً.

شروط استحقاق الوصية الواجبة

تضمنت قوانين الأحوال الشخصية الأردنية أربعة شروط لاستحقاق الأحفاد للوصية الواجبة، وهي كما يلي:

  • يجب أن تكون حصص الأحفاد من هذه الوصية تعادل حصة أصلهم، دون أن تتجاوز الثلث.
  • الأحفاد مستثنون من هذه الوصية إذا كانوا ورثة للجد، أو إذا كان قد فرض لهم نصيب في حياته يُساوي ما كان لوالدهم من الميراث، فإذا فرض لهم أقل أكمل لهم، وإن فرض أكثر اعتُبر الزيادة وصية اختيارية.
  • تكون الوصية لأبناء الابن وإن نزل، وتُقسم بينهم وفقاً للذكر مثل حظ الأنثيين.
  • تُعتبر هذه الوصية الواجبة مقدمة في الاستيفاء من ثلث التركة على الوصايا الاختيارية، وإذا لم تكن مفروضة من الجد، يتم فرضها من قبل القاضي.