القراصنة: بين الحقيقة والخيال
لقد سمع العديد منا عن القراصنة، المعروفين بلصوص البحار، حيث توجد الكثير من القصص والأفلام التي تتناول تفاصيل حياتهم، صفاتهم، وأفعالهم. غالبًا ما تُصوَّر شخصيات القراصنة بأشكال مثيرة، كمن لديهم أرجل خشبية أو يحملون ببغاوات على أكتافهم، بالإضافة إلى الربط التقليدي بينهم وبين الكنوز المدفونة. أمثلة على ذلك تتضمن قصة “البحث عن الكنز” و”جزيرة الكنز”، فضلاً عن الأفلام الشهيرة مثل “جاك سبارو” و”بلاك بيرد”. لكن، هل ما يتم تقديمه في هذه الأعمال الفنية هو مجرد خيال أم أن له جذوراً في الحقيقة؟
لا يمكن إنكار أن القراصنة كانوا واقعاً ملموساً، وخاصةً خلال العصر الذهبي للقراصنة في أوائل القرن الثامن عشر، والذي استمر بين 1700 و 1725. كانوا يُعرفون بلصوص البحار ولم تخلُ أنشطتهم من العنف والشجاعة، حيث كانت أهدافهم تتعلق بالسطو على السفن التجارية. ومع ذلك، انتشرت الكثير من الأساطير والتصورات الخاطئة المتعلقة بهم، لذا سنتناول في هذا المقال الحقائق والأساطير المرتبطة بالقراصنة.
من هم القراصنة؟
القراصنة هم مجموعة من البحارة الذين يسعون للسطو على السفن الأخرى واستغلال ثرواتها. كانوا يهاجمون أيضاً المدن الساحلية، ويأخذون كل ما يقع تحت أيديهم من الأموال والمجوهرات وحتى المتطلبات الغذائية. ورغم تصويرهم في بعض الأحيان كأناس مغرورين أو أشرار، فإن العديد منهم كانوا في الحقيقة أفرادًا عاديين، أجبرتهم الظروف على ممارسة أعمال غير قانونية وترك أسرهم من أجل كسب لقمة العيش.
أماكن عيش القراصنة
كان القراصنة يعيشون على متن سفنهم في البحار والمحيطات. بينما كان القبطان يتمتع بغرفة خاصة، كان باقي الطاقم ينام في أماكن بسيطة كالأرجوحة الشبكية أو على السطح. وكان المحيط الهندي ومدغشقر من المواقع التي تُعتبر آمنة للقراصنة، لكونها بعيدة عن قبضة الحكومات.
حقائق حول حياة القراصنة
إليك بعض الحقائق المثبتة عن حياة القراصنة في تلك الحقبة:
استخدام رقعة سوداء على العين
كانت الحياة البحرية مليئة بالمخاطر، حيث أدى القتال إلى إصابة الكثير من القراصنة. وكونهم يحاربون بالسيوف والمدافع، تعرض العديد لفقدان أعينهم أو حتى أطرافهم. وبناءً على ذلك، كان مضطراً البعض منهم إلى ارتداء رقع سوداء على أعينهم.
رفع علم “جولي روجر”
يتعلق أحد الجوانب الدائمة في حياة القراصنة باستخدام علم “جولي روجر”، وهو علم اشتهر باللون الأسود مع الجمجمة. يعود أصل المصطلح للكلمة الفرنسية “Jolie Rouge” التي تشير إلى العلم الأحمر الذي استخدمه القراصنة في القرن السابع عشر، وحُوِّل لاحقًا إلى الشكل المعروف اليوم.
ارتداء الملابس الفاخرة
كان القراصنة يحظون بشغف خاص بارتداء الملابس الفاخرة التي استولوا عليها، فضلًا عن ارتداء باروكات مجعدة لإبراز مظهرهم القوي والمخيف.
القواعد الصارمة على السفن
كانت معظم سفن القراصنة تتبع مجموعة من القواعد التي يتعين على جميع الأعضاء الجدد الالتزام بها، بما في ذلك كيفية تقاسم الغنائم وأدوارهم الموكلة إليهم. وكان القتال على متن السفن محظوراً تمامًا، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين.
الأساطير الشائعة حول القراصنة
توجد عدة أساطير عن القراصنة لم تثبت صحتها حتى اليوم، بما في ذلك:
دفن القراصنة لكنوزهم
تقول الأسطورة إن القراصنة يقومون بدفن مسروقاتهم في أماكن نائية، ولا يمكن العثور عليها إلا بمساعدة خرائط الكنوز. ومع ذلك، فإن اكتشاف كنوز مدفونة كان نادرًا، إذ كان القراصنة يميلون عادةً لإنفاق نصيبهم على الترفيه، وكانت المسروقات غالبًا ما تكون سلعًا تجارية مثل الطعام والملابس، بدلاً من الذهب أو الفضة.
إجبار الأسرى على السير على لوح خشبي
يعد هذا التصور من أكثر الصور النمطية انتشارًا عن القراصنة، وهو مجرّد دراما سينمائية. ففي الحقيقة، كانت هناك قوانين تحدد سلوك القراصنة، والتي تشمل كيفية التعامل مع الأسرى.
طاقم القراصنة يتكون فقط من الرجال
لم يكن طاقم القراصنة مقتصرًا على الذكور، بل كان هناك عدد من النساء اللاتي ساهمن بشكل فعال في هذه المهنة. كانت آن بوني وماري ريد من بين أشهر القراصنة الإناث، وقد عُرفتا بشجاعتهما على متن السفينة تحت قيادة “كاليكو جاك” راكهام في عام 1719.