الحضارات والمعمار
تتجلى الحضارات في الإنجازات البشرية المادية أو الفكرية التي تحققت على مدار زمن معين. هذه الإنجازات تعكس صراع الإنسان مع البيئة والطبيعة المحيطة به، حيث تفرض ظروف هذه البيئة أنماطاً خاصة للعيش. تُعد العمارة أحد أبرز سمات الحضارات عبر العصور، حيث قامت الشعوب ببناء منازلها وفقاً لأساليب حياتها والمحددات البيئية. من بين هذه الحضارات، تبرز الحضارة الإسلامية التي أولت أهمية كبيرة لبناء المساكن والمساجد كاستجابة لأمر الله تعالى، حيث دعا المولى عز وجل المسلمين إلى تعمير الأرض من خلال بيوت العبادة، وقد أشار إلى الآداب المرتبطة بذلك.
العمارة والفنون الإسلامية
انطلقت العمارة الإسلامية من كونها حرفة بسيطة تتعلق ببناء المساكن والمساجد، ثم تطورت لتصبح فناً معمارياً يبرز جمال الحضارة الإسلامية. تُعتبر العمارة مرآة تعكس المبادئ الإنسانية وأسلوب التفكير والحياة المادية، حيث يتجلى الإبداع في الرسم والنقش على المباني.
تعددت الفنون التي ظهرت في العصر الإسلامي، وتركت أثراً كبيراً ساهم في تميز الحضارة الإسلامية عن غيرها من الحضارات. وهذا ما يجعلها من أبرز الحضارات العالمية، حيث تروى المتاحف والمعالم المعمارية المقدسة قصص هذه الحضارة المبدعة.
أنواع الفنون في الحضارة الإسلامية
تتميز الحضارة الإسلامية بشمولها لمختلف مظاهر الحضارة، مما أضفى عليها قوةً وعظمةً وخلوداً. احتل الفن مكانة بارزة ضمن هذه الحضارة، ويتميز بتنوعه ورفعة طابعه الإسلامي. تتضمن الفنون الإسلامية، مثل النقوش المتواجدة في مصر وبلاد الشام والحجاز، ألواناً وأشكالاً معمارية ساحرة. من أبرز أنواع الفنون في الحضارة الإسلامية نجد:
الفنون التطبيقية
تتعلق الفنون التطبيقية بجماليات الزينة التي تُستخدم لتزيين مستلزمات الأفراد في منازلهم، وأعمالهم، وملابسهم، حيث تشمل صناعة السجاد، الملابس، الأواني، والأثاث الخشبي، وغالباً ما تعكس الفنون الإسلامية.
الخزف
يُعد الخزف من أهم الفنون الإسلامية وأكثرها انتشاراً. تمتاز التحف الإسلامية المصنوعة من الطين المصبوب والمزخرفة بألوان زاهية بجودتها العالية، وتُعتبر الأواني المغطاة بالمعادن وأملاح الحديد من أبرز العناصر المستخدمة.
الزخارف الخشبية
تُعتبر الزخارف الخشبية من الفنون البارزة في البناء، وخاصة تلك المستخدمة في منابر المساجد وأبوابها، بالإضافة إلى زخارف الكراسي والصناديق. يتميز الفن الإسلامي بحفر ورسم أشكال هندسية دقيقة على الأخشاب، مما يجعله عنصراً فعالاً في العمارة الإسلامية.
الفن الإسلامي الزخرفي
تنتشر المزخرفات الزجاجية المميزة في الفن الإسلامي، حيث عُرفت بجمالها وجاذبيتها، وقد شُيدت هذه الزخرفات في مصر وسوريا لاستخدامها في تزيين المساجد والمتاحف الإسلامية. لا تزال التحف القديمة تحظى بشعبية كبيرة، مما يدل على روعة الفن الإسلامي العريق.
عناصر العمارة الإسلامية
تُعد العمارة مظهراً إنشائياً يتضمن مختلف الفنون، حيث أطلق عليها اليونانيون القدماء “أم الفنون”. تهتم العمارة الإسلامية بفني النحت والرسم بما يتناسب مع البيئة المحيطة، وتستخدم مجموعة متنوعة من الزخارف والعناصر، ومنها:
الزخارف النباتية
تستوحي الزخارف النباتية من أشكال الأوراق وسيقانها وزهورها.
الزخارف الهندسية
تشمل الخطوط المستقيمة، والمنحنية، والمنكسرة.
الأشكال الهندسية
تتضمن الأشكال مثل المثلث والمربع والمستطيل والبيضاوي.
الزخارف الخطية
تتمثل في أنواع مختلفة من الخط العربي، مثل الخط الفارسي والديواني والأندلسي.
الزخارف المعمارية
تشمل الأعمدة والمآذن والأبواب.
خصائص العمارة الإسلامية
تتميز العمارة الإسلامية بجمعها بين الفن والأدب والعلم، حيث تعتمد على عناصر البيئة الأساسية. تمتاز هذه العمارة بتناسقها واهتمامها بخصوصيات الأفراد، مما يجعلها فريدة من نوعها. تشمل خصائص العمارة الإسلامية ما يلي:
الشمولية
تعمل العمارة الإسلامية على تحقيق منفعة لجميع الأفراد، مع مراعاة خصوصيات الرجال والنساء. وتشمل جميع الوظائف والأنشطة التي يحتاجها الناس.
البيئية
تستلزم العمارة الإسلامية استخدام عناصر بيئية غير ضارة وقابلة للتدوير، مما يجعلها صديقة للبيئة وتسعى للحفاظ عليها.
الوظيفية
تعتمد العمارة الإسلامية على مبدأ “لا ضرر ولا ضِرار”، حيث تُلبى احتياجات الناس بما يناسبهم دون نقص أو زيادة.
الجمالية
تهدف العمارة الإسلامية لإضفاء الجمال والجاذبية على الأماكن، مع الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية، حيث لا تُرسم الكائنات الحية على جدران المساجد ودور القضاء.