تشير التكنوقراط والديمقراطية إلى طرائق اتخاذ القرارات السياسية، ورغم تقارب المفهومين، إلا أن لكل منهما دلالاته الفريدة ومزاياه وعيوبه. في هذا المقال، سنتناول تعريف كل منهما، وكذلك الميزات والعيوب المرتبطة بهما على نحو منفصل.
التكنوقراط
1- التعريف
- يشير التكنوقراط إلى نظام يُختار فيه صناع القرار بناءً على خبراتهم في المجالات المتخصصة، لا سيما في المجالات العلمية والتقنية.
- يتعارض هذا النظام مع وجود ممثلين منتخبين كأبرز صانعي القرار في الحكومة.
- يستند هذا النظام إلى الكفاءة والمعرفة بدلاً من الانتماءات السياسية أو ما يعرف بـ “المهارات البرلمانية”، مما لا يلغي دور الممثلين المنتخبين كما هو الحال في الأنظمة الديمقراطية.
- مشتق مصطلح التكنوقراط من كلمة يونانية تعني المهارة أو القوة أو الحكم، وينسب إلى المهندس الأمريكي وليام هنري سميث الذي قام بإنشائه في عام 1919.
- يركز نظام التكنوقراط على تطوير قطاعات محددة في الدولة، كما يُعرف “بالربحية النقدية”.
- تعتبر التكنوقراطية جزءًا من النظام البيروقراطي.
2- تاريخ مصطلح تكنوقراط
- تعود أولى استخدامات هذا المصطلح إلى عام 1919 على يد المهندس وليام هنري سميث، وقد ورد لأول مرة في مقاله بعنوان “التكنوقراط: وسائل وطرق تحقيق الديمقراطية الصناعية”.
- بحلول أواخر الثلاثينيات، أُشير إلى التكنوقراط كحكومة تتخذ قرارات ترتبط بالجوانب التقنية.
3- مميزات التكنوقراط
- يمكنها تقديم حلول للمشكلات الاجتماعية.
- تعرض اقتراحات تؤدي إلى تقدم الدولة.
- تعتبر مصدرًا رئيسيًا لنشر التكنولوجيا في الدول.
- تتسم بالمنهج العقلاني في اتخاذ القرارات.
4- العلاقة بين الهندسة والتكنوقراط
يُنسب بعض الجدل في هذا السياق إلى كل من صموئيل هابر ودونالد ستابيلي، حيث يؤكدان على أن المهندسين يواجهون صراعًا بين الكفاءة والتكلفة في المؤسسات الرأسمالية الجديدة المتطورة في أواخر القرن التاسع عشر.
5- حركة التكنوقراط
- الدعوة الأولى للتكنوقراطية جاءت من العالم الأمريكي ثورستين فيبلن، وتبعتهما الدراسات والتطوير من قبل هوارد سكوت وكينغ هوبرت.
- في عام 1932، أسس سكوت وكبينج هوبرت شركة تكنوقراط، وقدما اقتراحًا لاستبدال الأموال بشهادات الطاقة.
- في بداية الثلاثينيات، حققت حركة التكنوقراط شعبية كبيرة في الولايات المتحدة خلال فترة الكساد العظيم.
- لكن الحركة تراجعت في منتصف الثلاثينيات بسبب فشلها في وضع سياسة مستقرة تحقق التغيير المطلوب.
6- الانتقادات الموجهة لحركة التكنوقراط
- توجد فجوة تُعرف بالفجوة التكنوقراطية، حيث يوجد تباين بين السلطة الحاكمة التي يسيطر عليها التكنوقراط وأعضاء الشعب.
- تركز هذه الحركة على آراء التكنوقراط على حساب آراء وأفكار العامة.
الديمقراطية
1- تعريفها
- تعتبر الديمقراطية شكلًا من أشكال الحكم الذي يتيح لجميع المواطنين المؤهلين المشاركة على قدم المساواة.
- تتم ممارسة هذه الديمقراطية من خلال آليات مباشرة أو غير مباشرة ممثلة عبر انتخابات.
- تشمل أيضًا الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تتيح للمواطنين ممارسة حرياتهم وتحديد مسارهم السياسي.
- يجب أن تقوم الديمقراطية على الالتزام بالمسؤولية واحترام النظام مع تفضيل المعرفة على القوة، حيث إن هذه أساسيات جوهرية للديمقراطية.
- يمكن رؤية الديمقراطية كنوع متميز من النظام الاجتماعي الذي يؤمن به المجتمع ويعبر عن ثقافة سياسية وأخلاقية خاصة.
- مفهومها مستمد من مصطلح إغريقي يحمل معنى “حكم الشعب بنفسه”.
- تتألف الكلمة من جزئين: “ديموس” والتي تعني الشعب، و”كراتوس” والتي تعني السلطة.
2- مبادئ الديمقراطية
- مبدأ حكم الأغلبية.
- مبدأ الفصل بين السلطات.
3- الديمقراطية في العصور القديمة
- تم تحديث مفهوم الديمقراطية لأول مرة في أثينا القديمة خلال القرن الخامس قبل الميلاد.
- كان للمصوتين الحق في تمثيل نحو ربع إلى نصف السكان الذكور في أثينا.
- عُرف سكان أثينا بحرية التصويت والإدلاء بأصواتهم بالرغم من ظروفهم الاقتصادية.
- اعتمدت الديمقراطية في أثينا على اتخاذ القرارات بشكل مباشر بدلًا من اختيار نواب للتفويض.
- شهد القرن السادس قبل الميلاد ظهور الديمقراطية في الهند أيضًا.
4- الديمقراطية في العصور الوسطى
- خلال العصور الوسطى، زالت الدويلات الديمقراطية الصغيرة التي ظهرت في العصور القديمة.
- شهدت تلك الفترة تطورًا في مفهوم القيم وحقوق الأفراد، نتيجة لقيم الليبرالية التي أرساها فلاسفة عصر النهضة.
- ساهمت الديانات الكبرى مثل المسيحية والإسلام في تعزيز هذه القيم الثقافية مما أفضى إلى ازدهار الديمقراطية.
5- القيم الداعمة لنمو الديمقراطية
- شرعية الدولة.
- المساواة بين القبائل والأعراق.
- المساواة بين الأفراد بغض النظر عن الجنس أو الفئات الاجتماعية.
- تحقيق المساءلة والتعاون والشورى.
- حماية حقوق متعددة مثل حرية التنقل وحق الملكية وحق العمل.
6- الديمقراطية الحديثة
- بحلول عام 2000، أصبحت 120 دولة حول العالم تخضع لنظام الديمقراطية الليبرالية.
- بينما في عام 1990، كانت حوالي 25 دولة تمارس أشكالًا محدودة من الديمقراطية.
7- الديمقراطية في القرن العشرين
- شهد القرن العشرين عدم استقرار تتعلق بمجموعة من الموجات الديمقراطية المتتالية، ترافقها حروب وثورات.
- تم فرض الديمقراطية بواسطة القوة العسكرية في بعض الدول في تلك الفترة.
- بعد الحرب العالمية الأولى، تحولت العديد من دول أوروبا إلى الأنظمة الديمقراطية الجمهورية.
- لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، تعرضت الديمقراطية في أوروبا الشرقية للانتكاسات.
- استعادت العديد من الدول الديمقراطية بعد مرحلة إنهاء الاستعمار.
- بحلول عام 1960، أصبح معظم الدول تتبع النظام الديمقراطي.
- ساهمت الموجات المتعاقبة من الديمقراطية في تعزيز الديمقراطية الليبرالية.
- وفي السنوات الأخيرة، استمر انتشار النظام الديمقراطي بشكل واسع.
8- أنواع الحكم الديمقراطي
- الديمقراطية المباشرة، حيث يصوت الشعب مباشرة للحكومة، وهذه أقل شيوعًا.
- الديمقراطية النيابية، حيث يختار المواطنون ممثلين لهم في الحكومة، والذين يتخذون القرارات وفقًا لمصلحة الناخبين.
- الديمقراطية المشاركة، والتي تهدف إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الفاعلين السياسيين، من المجتمع المدني والجماعات والخبراء.
الفرق بين الحكومة التكنوقراطية والديمقراطية
- تُعرّف الحكومة التكنوقراطية بأنها حكومة منتخبة من المثقفين الذين لا ينتمون إلى حفنة معينة من الأفكار وتعتبر امتدادًا للديمقراطية الغربية.
- بينما تُعرف الحكومة الديمقراطية بأنها نظام يُمارَس فيه الشعب مظاهر التشريع والسيادة.
- يُلاحظ أن نظام التشريع في الحكومة التكنوقراطية لا يعتنق أي عقيدة أو دين.
- بينما تكون مصادر السلطة في الحكومة الديمقراطية هي الشعب من خلال البرلمانات ومنصاتها.