الصور الفنية في قصيدة جادك الغيث
تم تصنيف الصور الفنية في القصيدة إلى الفئات التالية:
الاستعارة في القصيدة
تتضمن قصيدة “جادك الغيث” للسان الدين بن الخطيب عدة استعارات، منها:
- جادَكَ الغيْثُ
يتم تشبيه الغيث بإنسان يُعطي، حيث تم حذف المشبَّه به مع الإبقاء على بعض علاماته، مما يشكل استعارة مكنية.
- يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى
هنا يُشَبَّه الدهر بإنسان يقود الآخرين إلى طريق معيّن، مع حذف المشبَّه به والإبقاء على بعض لوازمه، مما يُعتبر استعارة مكنية.
- الحَيا قد جلّلَ الرّوضَ
تشبيه المطر كغطاء يُغطي الأشياء، حيث تم حذف المشبّه به والاحتفاظ ببعض علاماته، وهو ما يُعرف بالاستعارة المكنية.
المجاز في القصيدة
من المجازات اللافتة في قصيدة “جادك الغيث” ما يلي:
- كَساهُ الحُسْنُ ثوْباً
استخدم الشاعر هذه العبارة التي عادة ما تُستخدم للإشارة إلى الإنسان، لكنَّه أطلقها على مفهوم معنوي مثل الجمال، ليشكل مجازًا.
- ليالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى
توظيف كلمة الكتمان في سياق الليالي يعتبر مجازًا، إذ أنَّها تُستخدم عادة مع الأحياء.
- حينَ لذّ الأنْسُ
العبارة تتضمن مجازًا حيث تم استخدام كلمة “اللذة” في سياق معنوي بينما تُستخدم عادة في أمور مادية.
التشبيه في القصيدة
تتضمن القصيدة بعض التشبيهات المنوعة، مثل:
- وطَرٌ مرّ كلَمْحِ البصَرِ
يشبّه لسان الدين بن الخطيب انقضاء الوطر (الذي يعني اللذة) بسرعة لمحة البصر، حيث ذكر المشبَّه وهو الوطر، والمشبَّه به وهو لمحة البصر، بينما أداة التشبيه (الكاف) ووجه الشبه (السرعة) غير مذكورين، مما يجعل هذا التشبيه مُجمَلًا.
- هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ
شبيه مجيء الصبح بهجوم الحرس من حيث السرعة، حيث ذُكر المشبَّه (مجيء الصبح) والمشبَّه به (هجوم الحرس) دون وجه الشبه أو أداة التشبيه، وهذا مما يعتبر تشبيهًا بليغًا.
- ينْزِلُ النّصْرُ مثْلَما ينْزِلُ الوحْيُ
هنا تم تشبيه مجيء النصر بنزول الوحي من حيث التأييد الإلهي، مع ذكر المشبَّه (نزول النصر) والمشبَّه به (نزول الوحي) وأداة التشبيه “مثل” دون ذكر وجه الشبه، مما يجعله تشبيهاً مُجمَلًا.
نص القصيدة
يقول لسان الدين بن الخطيب في قصيدة “جادك الغيث”:
جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى
يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ
لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما
في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ
إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى
تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ
زُمَراً بيْنَ فُرادَى وثُنَى
مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ
والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا
فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ
ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما
كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ
فكَساهُ الحُسْنُ ثوْباً مُعْلَما
يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ
في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى
بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ
مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى
مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ
وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى
أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ
حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى
هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ
غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما
أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ
أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا
فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ
تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا
أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيهْ
فإذا الماءُ تَناجَى والْحَصَى
وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيهْ
تبْصِرُ الورْدَ غَيوراً برِما
يكْتَسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي
وتَرى الآسَ لَبيباً فهِما
يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ
يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا
وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ
ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا
لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ
فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى
تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ
واتّقوا اللهَ وأحْيُوا مُغْرَما
يتَلاشَى نفَساً في نفَسِ
حُبِسَ القلْبُ عليْكُمْ كرَما
أفَتَرْضَوْنَ عَفاءَ الحُبُسِ
وبقَلْبي منْكُمُ مقْتَرِبٌ
بأحاديثِ المُنَى وهوَ بَعيدْ
قمَرٌ أطلَعَ منْهُ المَغْرِبُ
بشِقوةِ المُغْرَى بهِ وهْوَ سَعيدْ
قد تساوَى مُحسِنٌ أو مُذْنِبُ
في هَواهُ منْ وعْدٍ ووَعيدْ
ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمى
جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ
سدَدَ السّهْمَ وسمّى ورَمى
ففؤادي نُهْبَةُ المُفْتَرِسِ
إنْ يكُنْ جارَ وخابَ الأمَلُ
وفؤادُ الصّبِّ بالشّوْقِ يَذوبْ
فهْوَ للنّفْسِ حَبيبٌ أوّلُ
ليْسَ في الحُبِّ لمَحْبوبٍ ذُنوبْ
أمْرُهُ معْتَمَدٌ ممْتَثِلُ
في ضُلوعٍ قدْ بَراها وقُلوبْ
حكَمَ اللّحْظُ بِها فاحْتَكَما
لمْ يُراقِبْ في ضِعافِ الأنْفُسِ
مُنْصِفُ المظْلومِ ممّنْ ظَلَما
ومُجازي البَريءِ منْها والمُسي
ما لقَلْبي كلّما هبّتْ صَبا
عادَهُ عيدٌ منَ الشّوْقِ جَديدْ
كانَ في اللّوْحِ لهُ مكْتَتَبا
قوْلُهُ إنّ عَذابي لَشديدْ
جلَبَ الهمَّ لهُ والوَصَبا
فهْوَ للأشْجانِ في جُهْدٍ جَهيدْ
لاعِجٌ في أضْلُعي قدْ أُضْرِما
فهْيَ نارٌ في هَشيمِ اليَبَسِ
لمْ يدَعْ في مُهْجَتي إلا ذَما
كبَقاءِ الصُّبْحِ بعْدَ الغلَسِ
سلِّمي يا نفْسُ في حُكْمِ القَضا
واعْمُري الوقْتَ برُجْعَى ومَتابْ
دعْكَ منْ ذِكْرى زَمانٍ قد مضى
بيْنَ عُتْبَى قدْ تقضّتْ وعِتابْ
واصْرِفِ القوْلَ إلى المَوْلَى الرِّضى
فلَهُم التّوفيقُ في أمِّ الكِتابْ
الكَريمُ المُنْتَهَى والمُنْتَمَى
أسَدُ السّرْحِ وبدْرُ المجْلِسِ
ينْزِلُ النّصْرُ عليْهِ مثْلَما
ينْزِلُ الوحْيُ بروحِ القُدُسِ
مُصْطَفَى اللهِ سَميُّ المُصْطَفَى
الغَنيُّ باللّهِ عنْ كُلِّ أحَدِ
مَنْ إذا ما عقَدَ العهْد وَفَى
وإذا ما فتَحَ الخطْبَ عقَدْ
مِنْ بَني قيْسِ بْنِ سعْدٍ وكَفى
حيْثُ بيْتُ النّصْرِ مرْفوعُ العَمَدْ
حيث بيْتُ النّصْرِ محْميُّ الحِمَى
<p وجَنى الفَضْلَ زكيُّ المَغْرِسِ
والهَوى ظِلٌّ ظَليلٌ خيَّما
والنّدَى هبّ الى المُغْتَرَسِ
هاكَها يا سِبْطَ أنْصارِ العُلَى
والذي إنْ عثَرَ النّصْرُ أقالْ
عادَةٌ ألْبَسَها الحُسْنُ مُلا
تُبْهِرُ العيْنَ جَلاءً وصِقالْ
عارَضَتْ لفْظاً ومعْنىً وحُلا
قوْلَ مَنْ أنطَقَهُ الحُبُّ فَقالْ
هلْ دَرَى ظبْيُ الحِمَى أنْ قد حَمَى
قلْبَ صبٍّ حلّهُ عنْ مَكْنِسِ
فهْوَ في خَفْقِ وحَرٍّ مثلَما
ريحُ الصَّبا بالقَبَسِ