فهم العلاج السلوكي

يُعرف العلاج السلوكي بأنه نهج يركز على تغيير الأفكار والسلوكيات السلبية غير المرغوب فيها لدى الأطفال، والتي يمكن أن تظهر عن غير قصد أو وعي في البيئة المنزلية. تعمل المكافآت والتعزيزات المستخدمة في هذا النوع من العلاج على تقليل هذه الأفكار والسلوكيات، مما يسمح بتطبيق العلاجات السلوكية على مجموعة متنوعة من الأعراض النفسية لدى الأطفال والمراهقين.

تتباين أساليب العلاج السلوكي بشكل كبير من طفل لآخر، ومن حالة لأخرى، إلا أن المعالجين في العادة يشجعون الأطفال والمراهقين على استكشاف سلوكيات جديدة. يتم تعزيز السلوكيات الإيجابية، بينما يتم إطفاء وتجاهل السلوكيات غير المرغوبة، مما يمكّن الآباء والأمهات والأطفال من تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل السلبية.

تظهر مشكلات الأطفال، مثل القلق والاضطرابات السلوكية وفرط النشاط، نتيجة لتأثيرات بيئية متعددة، بما في ذلك نوعية التفاعلات مع والديهم في مراحل مبكرة من حياتهم. وللأسف، يمكن أن تسهم العوامل الوراثية وأيضًا تأثيرات الوالدين في تفاقم هذه الحالة أو تحسينها.

متى يبدأ العلاج السلوكي

يحتاج الأطفال إلى العلاج السلوكي عندما يعانون من الاكتئاب، القلق، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو عندما تظهر عليهم أفكار سلبية أو غير عقلانية تؤدي إلى سلوكيات ومشاعر سلبية معينة.

في حالات الاكتئاب أو القلق، المرتبطتين عادة بنوبات من الغضب، يجب على الآباء تحديد ما إذا كان الطفل بحاجة للعلاج السلوكي أم لا، بناءً على الأعراض مثل التهيج الدائم، فقدان الاهتمام بالأنشطة، والتغيرات في نمط الأكل والنوم، مع التفكير في حالات الانتحار، أما القلق فيمكن أن يؤدي إلى صعوبات في الحياة اليومية.

إذا كان الطفل يعاني من ردود فعل عاطفية قوية، أو اضطرابات مزاجية وسلوكية، أو يبكي بسهولة بسبب أمور بسيطة تؤثر على أدائه، فهنا يكون من الضروري الحصول على العلاج والمساعدة.

تشير بعض الدراسات إلى أن فعالية العلاج السلوكي تتعزز عندما يبدأ مبكرًا في حياة الطفل، حيث أن الأطفال الأصغر عمرًا يواجهون مشاكل أقل تعقيدًا، وتكون استجابة العلاج أسرع، مما يسهل تغيير التفاعلات السلبية بين الأهل والطفل، وبالتالي فإن تأخير العلاج يزيد من احتمالية تطور سلوكيات غير مرغوب فيها مثل اضطراب التحدي المعاكس، القلق، واضطرابات المزاج، بالإضافة إلى تدني احترام الذات. لذا يمكن تجنب هذه المشكلات من خلال العلاج المبكر.

العلاج السلوكي كأداة لتعليم الآباء

غالبًا ما يتعرض الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لسوء الفهم والمعاقبة بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تفاقم سلوكياتهم السلبية. لهذا السبب، يجب على الآباء تعلم كيفية إدارة سلوكيات أطفالهم من خلال تلقي التدريب على التقنيات السلوكية والتعاون مع مقدمي الرعاية مثل معلمي الحضانات.

يتلقى الآباء العديد من الجلسات مع المعالج يمكن أن تُعقد في مجموعات أو فرادی، ويتفاعل المعالج بانتظام مع العائلة لمراجعة تقدمهم وتقديم الدعم اللازم، مع ضبط الاستراتيجيات لضمان التحسن المستمر. يساعد العلاج السلوكي الآباء في:

  • تعزيز العلاقة مع الأطفال من خلال تحسين التواصل، كاستماع إليهم وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم.
  • تعزيز السلوك الإيجابي من خلال تقديم الثناء والعناية بالطفل عندما يبدي سلوكيات مرغوبة.
  • تأسيس قواعد ثابتة للانضباط، والمواظبة على إعطاء التعليمات الفعالة مع تجاهل السلوكيات غير المرغوب فيها.
  • مساعدة الآباء على تعلم المهارات الضرورية وكيفية تطبيقها بفعالية مع أطفالهم بمساعدة المعالج.

خطوات العلاج السلوكي للأطفال

هناك العديد من الخطوات التي يمكن أن تساعد الأطفال في التحكم بسلوكهم، من أبرزها:

تحديد جدول يومي للطفل

يُعزز الجدول اليومي تنظيم وقت الطفل، لذا يجب تحديد مواعيد الاستيقاظ، والوجبات، والنوم، ومدرسة.

تقليل مصادر التشويش

يُنصح بتقليل المشتتات مثل التلفاز والموسيقى الصاخبة، فيجب وضع قواعد مثل إيقاف هذه المصادر خلال وقت الطعام أو عند الدراسة.

مكافأة السلوك الإيجابي

تساعد المكافآت على رفع ثقة الطفل بنفسه، كالكلمات الإيجابية أو الجوائز الصغيرة على السلوك الجيد، ويوصى بتحديد أهداف صغيرة يمكن للأطفال تحقيقها لتحفيزهم.

الانضباط والهدوء

يعتبر استخدام أساليب الانضباط بالتوازن مع الهدوء أمرًا فعالًا، وذلك بتجنب العقاب البدني وتركيز النقاش بعد تهدئة الطفل.

اختيار الأنشطة المناسبة

يمكن اختيار أنشطة ممتعة تعزز من تقدير الطفل لذاته وتزيد من ثقتهم بأنفسهم.

تنظيم بيئة المنزل

يعد ترتيب المنزل وفق احتياجات الطفل أمرًا مهمًا لتعليمه احترام ممتلكاته وضبط سلوكه، لذا يفضل تخصيص أماكن معينة لأغراضه المدرسية والألعاب.