ابن البيطار
تاريخ العلوم العربية يزخر بإنجازات العديد من العلماء، ويعتبر ابن البيطار واحداً من أبرز هؤلاء العلماء؛ فهو رائد في علم النباتات ويمثل مدرسة جديدة في علم الصيدلة. وُلِد ابن البيطار، المعروف بأبو محمد عبدالله بن أحمد بن البيطار ضياء الدين الماليقي، في مدينة ملقا الأندلسية في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، وتوفي في دمشق عام 1248م.
كان والد ابن البيطار مختصاً في علاج الحيوانات، بالإضافة إلى عمله كحداد، وقد سعى جاهداً لتعليم ابنه حرفة البيطرة. وقد بدأ ابن البيطار تعلم هذه المهنة منذ سن العاشرة، إلا أنه لم يكن مولعاً بها، بل كان يقضي معظم وقته مستكشفاً الطبيعة، جامعاً للمعلومات عن الأشجار والنباتات والأزهار، والتي قام بتدوينها. وعندما أدرك والده ميول ابنه نحو علم النباتات، قام بإرساله إلى عالم النباتات المعروف (ابن الروميّة) في إشبيلية حيث تعلم على يديه الكثير. وبعد ذلك، انتقل إلى المغرب واستقر في سبتة ليواصل دراسته على يد أبي الحجاج، حيث أطلع على العديد من الكتب اللاتينية. هذا الشغف بالعالم الخارجي أوصله إلى اليونان، حيث قضى سبع سنوات في التعلم.
إنجازات ابن البيطار
قدّم ابن البيطار للبشرية إنجازات هامة في مجالات الأعشاب والصيدلة، ومن أهم هذه المساهمات:
- تأسيس الأسس المنهجية لتطبيق الأسلوب العلمي في إجراء التجارب.
- إعداد دراسة موسوعية طبية تتكون من 1,400 مادة، معظمها نباتات طبية وخضروات، مع إدراج 300 نبات جديد لم يكن معروفاً سابقاً.
- تقديم وصف دقيق لخصائص حوالي 1,000 مادة، تشمل نباتات ومعادن وحيوانات.
- تحديد توقيت تناول الأدوية، موضحاً الأدوية المناسبة للاستخدام ليلاً ونهاراً.
- شرح طريقة صنع الزيوت الأساسية عبر تقنية التقطير، خاصة ماء البرتقال وماء الورد، مع تسليط الضوء على استخداماتها وأهميتها في صناعة الأدوية والعطور.
- توضيح أهمية بعض النباتات في علاج الأمراض المتنوعة.
- اكتشاف فعالية الهندباء البرية في مكافحة الأورام السرطانية، بفضل تأثيراتها المضادة للسرطان.
كُتب ابن البيطار
اشتهر ابن البيطار بصفته صيدلانياً وعالماً متخصصاً في علم النباتات، وله العديد من المؤلفات البارزة، من بينها كتاب “الجامع في الأدوية المفردة”، الذي قُسِّم إلى أربعة مجلدات. في هذا العمل، جمع ابن البيطار أكثر من 1,400 دواء، بما في ذلك الأدوية التي تتضمن مكوناً واحداً فقط. كما قدم معلومات عن النباتات التي جمعها خلال رحلاته إلى دول متعددة، بالإضافة إلى اقتباس معلومات من مؤلفات الأطباء العرب مثل ابن سينا وتناول موضوعاتهم بنقد متوازن.
كتب ابن البيطار “الجامع في الأدوية المفردة” باللغة العربية، وقد تُرجِم إلى عدة لغات بما في ذلك التركية والألمانية والإغريقية والفرنسية. ومن أعماله المشهورة أيضاً كتاب “المغني في الأدوية المفردة”، الذي يتألف من 20 فصلاً تطرق فيها إلى أسماء الأمراض المتعلقة بالرأس والأذن والعين، بالإضافة إلى مستحضرات التجميل، ووصف الأدوية المناسبة لعلاج تلك الأمراض.