الفارق بين القضاء والقدر
تباينت آراء العلماء بشأن التفريق بين القضاء والقدر؛ فبعضهم رأى أنه لا يوجد اختلاف بين المفهومين، بينما اعتبر آخرون أن هناك فروقاً واضحة بينهما. حيث يُعرَّف القضاء بأنه ما قضاه الله سبحانه وتعالى في خلقه من وجود أو فناء أو تغيير، بينما يُفهم القدر بأنه تقدير الله للأشياء منذ الأزل.
إن الله سبحانه قد قدّر وقوع الأمور في أوقاتها المناسبة، وهذا ما يُعرف بالقدر، بينما يُعتبر وقوع الأمور قضاء؛ أي أن القدر يُشير إلى تقدير الأمور قبل وقوعها، بينما القضاء يُشير إلى إنجاز الأمور. ولذلك، هناك فرق جوهري بين القضاء والقدر كما تم الإشارة إليه مسبقاً.
مراتب الإيمان بالقضاء والقدر
تنقسم مراتب الإيمان بالقضاء والقدر إلى أربع مراتب، والتي سنوضحها كالتالي:
- المرتبة الأولى:
الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء؛ بما في ذلك ما كان وما سيكون. وقد جاء ذلك في قوله تعالى: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)، مما يبرز قدرة الله وعلمه الشامل.
- المرتبة الثانية:
الإيمان بأن الله كتب مقادير كل شيء منذ بدء خلق الكون وحتى قيام الساعة، وهذا مثبت في اللوح المحفوظ. جاء ذلك في قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ).
كما روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ).
- المرتبة الثالثة:
الإيمان بمشيئة الله وقدرته على جميع مخلوقاته؛ فإن الله إذا أراد شيئاً قال له “كن” فيكون، وإذا لم يرد فلن يكون. جاء في قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
- المرتبة الرابعة:
الإيمان بأن الله هو خالق كل شيء، وأنه خلق الكون بمفرده، بما في ذلك خلق العباد وأفعالهم وآجالهم وأرزاقهم، ولا يوجد رب سواه -سبحانه وتعالى-، كما جاء في قوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
مقام الإيمان بالقدر في الدين
يُعتبر الإيمان بالقدر واحدًا من أركان الإيمان، حيث ورد ذكر القدر في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا). وعندما سأل جبريل -عليه السلام- الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن مقومات الإيمان، أجاب: (أن تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، واليَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ).
تظهر أهمية الإيمان بالقدر من خلال النقاط التالية:
- الإيمان بالقدر يُعزز العلاقة بين الإنسان والله سبحانه وتعالى، حيث يُوكّل الإنسان جميع شؤون حياته إلى الله.
- الإيمان بالقدر يُحقق السعادة في الحاضر والهدوء في مواجهة المستقبل.
- الإيمان بالقدر يُطمئن المؤمن بأن كل ما يحدث في الكون له حكمة من الله تعالى.
- الإيمان بالقدر يُعين المسلم على الرضا، إذ إن كل حدث وقع بأمر الله وعلمه.
- الإيمان بالقدر يُعلم الإنسان أن كل ما يصيبه قد كُتب سابقًا من قبل الله تعالى.