الفروق بين الاتساق والانسجام

تتجلى الفروق بين الاتساق والانسجام في النقاط التالية:

الاختلاف من حيث المفهوم

يعكس مفهوم الاتساق تماسك الأجزاء المكونة لنص أو خطاب ما، حيث يركز على الوسائل اللغوية الشكلية التي تربط بين العناصر المكونة للنص. يُعتبر الاتساق شرطاً أساسياً وكافياً للتمييز بين ما هو نص وما ليس بنص.

أما بالنسبة لمفهوم الانسجام، فيشير إلى الطريقة التي يتم بها ربط الأفكار داخل النص. بينما يرتبط الاتساق بالجوانب النحوية والشكلية، يتعلق الانسجام بالجوانب الدلالية.

الاختلاف من حيث المبادئ

يمكن توضيح الاختلاف من حيث المبادئ كما يلي:

الاتساق

يتحقق الاتساق من خلال الإحالة النصية، التي تتم عبر الضمائر، أسماء الإشارة، الأسماء الموصولية، وأدوات المقارنة. يمكن تصنيف هذه الإحالة إلى نوعين: الإحالة القبلية، حيث يشير العنصر المحيل إلى عنصر سابق، والإحالة البعدية، حيث يشير إلى عنصر لاحق، بالإضافة إلى الإحالة المقامية خارج النص.

كما يشمل الاتساق الاستبدال داخل النص، من خلال تعويض عنصر بعنصر آخر، حيث يُعرف العنصر الأول بالمستبدل منه، والثاني بالمستبدل به. تشمل أشكال الاستبدال الاستبدال الاسمي، والفعلي، والقولي، بجانب الحذف الذي يُحفّز المتلقي للبحث عن العنصر المحذوف كونه يُترك أثراً في النص.

علاوة على ذلك، يُعزز الاتساق عبر ربط العناصر اللاحقة بالعناصر السابقة باستخدام حروف العطف، ويتحقق أيضاً من خلال تكرار المعاني، الذي يدعم الفهم اللغوي، مع وجود أنماط صوتية، مثل السجع والجناس.

الانسجام

يرتكز الانسجام على “التراص المفهومي الناتج عن البنية العميقة للنص”، حيث تظهر عناصر منطقية، مثل السببية والعموم، التي تنظم الأحداث والعمليات داخل النص. وفقاً لأوجين نايدا، تقسم العلاقات الدلالية إلى نوعين:

  • علاقات الربط

تنقسم علاقات الربط إلى: علاقات إضافية وعلاقات ثنائية.

  • علاقات التبعية

تتضمن علاقات التبعية علاقات مؤهلة وعلاقات منطقية.

تكمن أدوات الانسجام النصي في السياق، الذي يلعب دوراً حيوياً في تحديد المعاني والدلالات ضمن النص، حيث إن لكل مقام مقال. وتساعد دراسة السياقات اللغوية على فهم مقاصد النص والمتحدث وتأثيره على المتلقي، مما يجعل هناك علاقة دائمة بين السياقات، وخاصًة بين المخاطِب والمُخاطَب.

كذلك تُسهم العلاقات الدلالية في تنظيم الأحداث والعمليات داخل بنية النص، تشمل الإجمال والتفصيل، والعموم والخصوص، العرض والتفسير. وبالتالي، ينصب الاتساق على الجوانب النحوية كالإحالة بجميع أنواعها، والاستبدال، والحذف، والتكرار، مما يؤدي إلى تحقيق اتساق نحوي ومعجمي وصوتي.

بينما يتحقق الانسجام من خلال العلاقات والرابطات الدلالية، التي تنظم وترتبط ببنية النص الداخلية، بما في ذلك التضاد، والمقابلة، والتتابع، والتناسب، والسببية.

الاختلاف من حيث الخصائص

الفروق المتعلقة بالخصائص تشمل الآتي:

الاتساق

تنجلي خصائص الاتساق فيما يلي:

  • يتطلب وجود متلقٍ متمكن في النحو والصرف لفهم القضايا النحوية والصرفية في النص المدروس.
  • يسلط الضوء على جماليات القضايا الرئيسية ضمن النص.
  • يرتبط بالنص الذي يحقق نصيته، ليصبح حدثاً لغوياً قابلاً للتفاعل والفهم.

الانسجام

تتجلى خصائص الانسجام كما يلي:

  • الانسجام أعم وأعمق من الاتساق، إذ يستدعي من المتلقي التركيز على العلاقات الخفية التي تنظم النص وتعبر عنه.
  • يتطلب الانسجام مهارة في التعرف على العلاقات الخفية بين الجمل النصية، ومن ثم النص ككل.
  • يعتمد الانسجام على عمليات ضمنية يستخدمها القارئ لفهم النص، وتوضيح انسجامه من خلال النقاط التالية:
  1. السياق الذي يحدد مجالات التفسير الممكنة ويدعم التفسير المقصود، ويشمل جميع عناصر الرسالة: المخاطِب، والمُخاطَب، والنص، والزمان، والمكان.
  2. التشابه الذي يُبرز التجارب السابقة التي أثرت في ذهنية منشئ الخطاب، مما يساعد القارئ على فهم وتفسير النص.