الكتابة باللغة العربية
تُظهر حروف الكتابة العربية تشابهًا في الشكل، ولولا نظام التنقيط الذي أبدعه أبو الأسود الدؤلي في العصر الإسلامي المبكر، لكان من الصعب علينا التفريق بين الحروف المتشابهة. مثلًا، لا يمكننا تمييز الزاي عن الراء، أو الدال عن الذال، أو الفاء عن القاف. تتطلب هذه الحروف استخدام النقاط لتحديد الهوية، حيث يمكن لنقطة واحدة أن تغير تمامًا معنى الكلمة، كما هو الحال في كلمات مثل جَحَرَ و حَجَرَ أو قالَ و فَالَ أو خَابَ و جَابَ. لذا، فإن الاختلاف في التنقيط يؤدي إلى اختلاف الحروف مما ينجم عنه تغييرات في الكلمة ومعناها وبنيتها واشتقاقاتها. سنستعرض في هذا المقال الفرق بين كلمتي “نفد” و “نفذ” وفقاً لمعجم لسان العرب.
معنى “نفد”
حسب معجم لسان العرب، كلمة “نَفِدَ” بالدال من دون نقط تعني انتهاء الشيء وفنائه. يمكن أن نقول نَفَدَ الشيء نَفَدًَا أو نَفَادًا. وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في قوله تعالى: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي). وعندما سمع المشركون هذا الكلام، ظنوا أن كلام الله سينفد وسينتهي، فأرسل الله سبحانه وتعالى هذه الآية ليدحض ادعاءهم، مُبَيِّنًا أن كلامه لا ينتهي أو ينضب. Vلو كان البحر حبرًا لنفد هذا الحبر قبل أن تنفد كلماته. عندما ينفد المال أو الطعام من قوم ما، يقال عنهم: نَفَدَ القومُ، مما يعني أنهم أصبحوا بلا طعام أو مال. كما أن الخصم القوي الذي يستنفد قدرة خصمه وحجته يُسمى خصمًا منافدًا، أي أنه يتحدى خصمه حتى النهاية.
معنى “نفذ”
تشير كلمة “نَفَذَ” بالذال بحسب لسان العرب إلى الخروج من الشيء والمجاوزة. يُقال ينفذ الشيء نفاذاً ونفوذاً، فعلى سبيل المثال إذا قلنا “نفذتُ من فلانٍ”، فهذا يعني تخلصت منه أو هربت. وعندما يتمكن شخص من الهروب من موقف محرج أو خطر، يُقال عنه إنه “نَفَذْ”. وفي قوله تعالى: (يا معشر الجنّ إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلّا بسلطان) يُشير المعنى إلى القدرة على الخروج أو الاختراق من السماوات والأرض. كما يُطلق على الحاكم لقب “نافِذٌ”، مما يعني أن أوامره وحكمه قيد التنفيذ ومطاع. في السياق المالي، يُقال عن الشخص الذي يملك سلطة ومال إنه رجل ذو نفوذ. وأيضًا، توصف الطرق بأنها نافذة إذا كانت مفتوحة وصالحة للمرور إلى أماكن أخرى.