موضوع مقالتنا اليوم هو الفروق بين صحيح البخاري وصحيح مسلم، اللذان يعدان من أهم الكتب بعد القرآن الكريم؛ حيث يجمعان أحاديث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. في هذا المقال، سنتناول أوجه الاختلاف بينهما، وأسباب تأليف كل منهما، وعدد الكتب الموجودة في كل من الصحيحين، وكذلك ميزات كل منهما.

الفروق بين صحيح البخاري وصحيح مسلم

اختلاف أسباب التأليف

لدى كل من البخاري ومسلم أسباب خاصة دفعتهما لتأليف صحيحهما، يمكن تلخيصها كما يلي:

سبب تأليف صحيح البخاري

تتعدد الأسباب التي دفعت البخاري لتأليف صحيحه، ومن أبرزها:

  • رؤية البخاري -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، حيث رأى نفسه يدافع عن النبي، مما فسّره بأنه يُدافع عن حديثه ويحرص على عدم انتشار الكذب، فانطلق لتأليف صحيح البخاري.
  • توجيه شيخه إسحاق بن راهويه له بضرورة جمع كتاب مختصر في صحيح سنة رسول الله.
  • رغبته في جمع الأحاديث الصحيحة التي لا يشك أحد في صحتها.

سبب تأليف صحيح مسلم

قام الإمام مسلم بذكر أسباب تأليفه لكتابه في مقدمته، والتي تتلخص في:

  • انتشار مؤلفات تحتوي على أحاديث ضعيفة ومنكرة.
  • رغبته في الإجابة على سؤال أحد تلاميذه.
  • تأكيده على التركيز على الفائدة والمنفعة، مع الاختصار دون تكرار.

الفروق المتعلقة بجوهر تأليف الصحيحين

  • يتكون صحيح البخاري من سبعة وتسعين كتابًا، أولها بدء الوحي وآخرها التوحيد.
  • يتضمن صحيح مسلم سبعة وخمسين كتابًا، أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير.
  • قام البخاري بتبويب مؤلفاته، بينما لم يقم مسلم بذلك، وقام الإمام النووي بتبويب الصحيح فيما بعد.
  • تحتوي أحاديث صحيح البخاري على سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وستين حديثًا، وبعد حذف المكرر تصبح أربعة آلاف، في حين أن أحاديث مسلم تبلغ سبعة آلاف حديث صحيح.

الفروق بين البخاري ومسلم في شروط الصحيحين والرواة

شروط البخاري

  • فرض الإمام البخاري شروط اتصال أكثر صرامة من مسلم، حيث لم يكتف فقط بالمعاصرة والالتقاء، بل اشترط ثبوت السماع ولو لمرة واحدة مع تحقق الالتقاء بين الراوي وشيخه.

شروط مسلم

  • بينما اكتفى الإمام مسلم بالمعاصرة والالتقاء بين الراوي والشيخ، دون أن يشترط اللقاء أو ثبوت السماع.

يرجح العلماء حديث البخاري على مسلم لأسباب عدة، حتى وإن كانت شروط مسلم تكفي لدقة الحديث، إلا أن شروط البخاري أكثر دقة ووضوحًا في الاتصال بالإسناد.

الفروق بين الصحيحين من حيث الأبواب

هناك اختلافات ملحوظة بين أبواب الصحيحين، والتي يتم توضيحها كما يلي:

  • قام الإمام البخاري بتبويب مؤلفاته إلى 3882 بابًا.
  • أولت أبواب صحيح البخاري موضوع بدء الوحي، وآخرها تناول مسألة الميزان في يوم القيامة.
  • أما الإمام مسلم فلم يقم بتبويب صحيحه، بل تم ذلك لاحقًا بواسطة الإمام النووي، وضم 1329 بابًا.
  • بدأ مسلم بأبواب تعالج موضوع الإيمان والإسلام، وانتهى ببحث حول الرب.

الفروق بين الصحيحين في مسألة تكرار الأحاديث

تختلف طرق التعامل مع تكرار الأحاديث في مؤلفتيهما، وفيما يلي توضيح لكل منهما:

  • كان الإمام البخاري يتعمّد تكرار الأحاديث في مؤلفاته.
  • بلغ عدد أحاديث البخاري بدون تكرار 4000 حديث، ومع التكرار 7563.
  • بينما لم يكرر الإمام مسلم الأحاديث، بل جمعها في باب واحد.

الفروق بين الصحيحين في مسألة تعليق الأحاديث

تتفاوت طريقة كل إمام في التعليق على الأحاديث، كما يلي:

  • تعليق الأحاديث يعني حذف راوٍ أو أكثر من سندها، وقد يذكر الحديث دون سند.
  • كان البخاري يميل إلى تعليق الأحاديث اختصارًا، وقد قام الحافظ بن حجر بتوثيق هذه التعليقات.
  • أما التعليق في صحيح مسلم فكان قليلًا جدًا، نظرًا لأنه لم يشدد في مسألة اتصال الإسناد.

الفروق بين الصحيحين في مسألة تقطيع الأحاديث

تظهر الاختلافات بين الإمامَيْن في أسلوب تقطيع الأحاديث كما يلي:

  • تقطيع الأحاديث يعني الاقتصار على جزء من الحديث.
  • كان البخاري يتبع منهج التقطيع بشكل متكرر لتغطية مواضيع متعددة.
  • بينما لم يُعتمد الإمام مسلم على التقطيع في حديثه، بل ذكر الحديث كاملاً بنماذجه المتعددة.

الفروق بين الصحيحين في شرطهما فيما يتعلق بالرجال

كانت هناك اختلافات في نظرة كل إمام للرجال، كما يلي:

  • اتفق الإمامان على أهمية العدالة والضبط في رواة الصحيحين، إلا أنهما اختلفا في بعض التفاصيل.
  • تعرض الإمام البخاري لانتقادات بسبب تشدده في مسألة الرجال.
  • بينما كان الموقف تجاه الإمام مسلم أكثر مرونة، مما أدى لتقليل الانتقادات الموجهة له.

من حيث مدة التأليف

بدأ كل إمام بتدوين مؤلفاته تقريبًا في التواريخ الآتية:

  • بدأ البخاري في تأليف مؤلفاته عام 232 هجريًا، واستمر للعمل عليها حوالي 22 عامًا، جمع خلالها 7563 حديثًا صحيحًا.
  • بينما بدأ الإمام مسلم بتجميع الأحاديث عام 250 هجريًا، واستمر لمدة 15 عامًا جمع خلالها 4000 حديث صحيح.

تميز صحيح البخاري وصحيح مسلم عن الكتب الأخرى

يمتلك كل من الصحيحين نقاط قوة خاصة تميزهما عن الكتب الأخرى، والتي سيتم سرد مميزاتهما كالتالي:

مميزات صحيح البخاري

هناك عدة ميزات تميز صحيح البخاري عن صحيح مسلم، ومنها:

  • النقد الموجه لصحيح البخاري أقل مقارنةً بصحيح مسلم.
  • يتفوق عدد مؤلفات صحيح البخاري في العدد والقيمة.
  • يتسم بتكرار الأحاديث بشكل متكرر، ما يعزز ويفسر تتعدد الأبواب.
  • التحديات الفكرية في فهم الفقه عند البخاري لا تزال قائمة حتى الآن.

مميزات صحيح مسلم

تتركز ميزات صحيح مسلم فيما يلي:

  • كان الإمام مسلم يُقدّم الحديث بشكل كامل مع جميع رواياته.
  • اهتم بشكل كبير بضبط ألفاظ الحديث واختلاف راويه.
  • لديه مهارة فريدة في تلخيص التحويلات الإسنادية.
  • التعليقات لديه قليلة، إذ لا تتجاوز 14 تعليقًا.
  • يعرض الأحاديث بعد مقدمته مباشرة.

مكانة صحيح البخاري وصحيح مسلم

  • يتمتع الكتابان بمكانة رفيعة، حيث يُعتبران الأصح بعد القرآن الكريم مباشرةً؛ وذلك لكونهما يمثلان الأصح الكتب بعد كتاب الله.
  • توافق العلماء على أهمية هذه الكتب كمصادر رئيسية لدراسة الأحكام الشرعية.
  • لا يجوز لأي شخص التشكيك في مصداقية هذه المؤلفات؛ إذ تمت كتابتها وفق شروط دقيقة لا تحتمل الشك.