ما هي القدوة الحسنة؟
تتعدد معاني القدوة في اللغة، ومن أبرزها:
- التقدم على الآخرين.
- اتباع سلوكيات الغير.
- الشخص الذي يترك أثراً طيباً في المجتمع، كمن يشم رائحة طيبة ويصبح قدوة في أفعاله، مثلما يُتبع الأشخاص المعروفون بحسن السمعة.
- الأسوة، أو ما يُحتذى به.
أما في الاصطلاح، فتعني القدوة: اتخاذ شخص آخر مثالًا لنا والتحلي بسلوكياته. فإذا كانت المتابعة في الخيرات فهي قدوة حسنة، أما إذا كانت في أفعال سيئة، فهي قدوة رديئة.
أسس القدوة الحسنة
يتجسّد في المجتمعات أحياناً أفراد يُعتبرون قدوات، رغم عدم صلاحيتهم لذلك في ضوء الشريعة. فلكي يكون الشخص قدوة يُلزم بأن تتوفر فيه مجموعة من الأسس الشرعية، والتي يجب تجسيدها في أفعاله. ويمكن تلخيص أسس القدوة الحسنة كما يلي:
صلاح النية
أمر الله -عز وجل- بوجوب الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، لأنه جمع في شخصيته جميع الفضائل الأخلاقية، ولا يحمل أي صفة قبيحة. يقول -تعالى-: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾. وبذلك، فإن القدوة في الإسلام هي من يُتابع الناس سلوكياته وأقواله.
لكن القدوة لا تُعتبر من الصالحين إلا عند تحقق ما يلي:
- الإيمان:
لا يمكن الاقتداء بمن فُسدت عقيدته، ولا يُقبل أن يتولى القيادة، لأنه سيؤدي إلى حرف عقائد الناس وضلالهم.
- العبادة:
من صلحت عبادته وكانت conforme الكتاب والسنة، يُعتبر قدوة، أما إذا شابها التشدد أو التساهل طبقاً لهواه فلا يُصلح أن يكون نموذجاً يُحتذى به.
- الإخلاص:
تهدف متابعة القدوة إلى تقرب الخلق إلى الله -عز وجل-، ويُعتبر الإخلاص شرطاً لقبول العمل. فإذا لم يكن الشخص مخلصاً لله، قد يُضل الآخرين في سلوكياته.
حسن السلوك
يُعتبر حسن الخلق تجسيدًا عملياً للأخلاق التي يحملها المسلم في قلبه. الأخلاق الحسنة تؤثر بشكل إيجابي في الآخرين، والناس يميلون لتقليد الأفراد الذين يتمتعون بها. في حين أن من يفتقر إلى هذه القيمة لا يُعتبر قدوة يُحتذى بها.
تشمل أمثلة حسن الخلق ما يلي:
- الحكمة في الأقوال والأفعال.
- الصبر، الحلم، والتأني في كافة السلوكيات.
- الصدق في التعاملات أمام الله والناس.
- العفو والتسامح والتجاوز عن الأخطاء.
توافق القول مع العمل
يُحذر الله -عز وجل- من عدم تطابق القول مع العمل بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.
تعتبر هذه المخالفة سببًا لانتكاس الناس، حيث يرون أن شخصًا ما يتحدث بينما أفعاله لا تتوافق مع أقواله، مع قدرته على العمل. يسعى الناس إلى الصدق في الأقوال والاستقامة في الأفعال، إذ يميلون لتقليد العمل أكثر من الأقوال.
لذا، ينبغي على من يُعتبر قدوة أن يطابق قوله مع عمله، وإلا سيظهر عنده صفة من صفات المنافقين، كما قال -تعالى- عنهم: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾.
مميزات القدوة الحسنة
للقدوة الحسنة تأثير كبير على سلوك المسلم، واتباعها يُحقق فوائد عديدة، من أبرزها:
- كونه متبعًا لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث يُعتبر الأخير هو القدوة الأولى للمسلمين.
- القدوة الحسنة تُرشد المسلم إلى الاعتدال، فلا يتشدد ولا يتراخى في عبادته.
- المسلم يصبح قدوة لغيره بسبب سلوكه الحسن، ويجني الثواب كلما اقتدى به الآخرون.
- الاقتداء بالصالحين يُعزز مكانة المسلم يوم القيامة، فقد قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ ولَمَّا يَلْحَقْ بهِمْ؟ قالَ: المَرْءُ مع مَن أحَبَّ).