تتميز اللغة العربية بجمال تركيبها وغناها اللغوي، حيث تحتوي على أساليب بلاغية بارزة ومتنوعة، مما يجعل الكثير من الأشخاص يتطلعون لمعرفة الفرق بين الأسلوب الخبري والإنشائي.

في هذا المقال، سنستعرض الفرق بين هذين الأسلوبين، بالإضافة إلى توضيح بعض النقاط المتعلقة بهما.

الفرق بين الأسلوب الخبري والإنشائي

  • تقوم اللغة العربية على هذين الأسلوبين بدرجة رئيسية، إذ تنقسم الجمل والعبارات إلى نوعين، خبرية أو إنشائية.
  • كما يمكن التمييز بينهما من حيث المعنى الذي يحمله كل أسلوب، وهما كما يلي:

أولًا: الأسلوب الخبري

  • يشير هذا الأسلوب إلى صياغة جمل وعبارات تحمل إمكانية أن تكون صحيحة أو خاطئة، وبالتالي لا يمكن اعتبارها صادقة أو كاذبة بشكل قاطع.
  • يستثني من هذه القاعدة النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والأدلة العلمية، إذ تعد هذه المصادر بمثابة حقائق ثابتة.
  • بمعنى آخر، يمكن أن تحتوي الكلمات على معلومات تتوافق مع الواقع أو تنفيها، مما يجعلها صادقة أو كاذبة حسب الحالة. على سبيل المثال، إذا قيل إن الصدق فضيلة، فإن هذا الأمر يعتبر صحيحًا، بينما إذا قيل إنه عيب فإن ذلك يتنافى مع الواقع ويعتبر كاذبًا.
  • كما يتضمن هذا الأسلوب العديد من الأغراض البلاغية التي تتعلق بالسياق وترتيب المفردات، مثل التهديد والنصح والمدح.

ثانيًا: الأسلوب الإنشائي

يمثل هذا الأسلوب صيغًا لغوية لا تحتمل الصدق أو الكذب، حيث تتوقف أغراضه البلاغية على المعاني المستخلصة من سياق الكلام.

أقسام الأسلوب الخبري

ينقسم الأسلوب الخبري إلى عدة فروع بما في ذلك:

الخبر الطلبي

  • يظهر هذا النوع عندما يكون المتحدث مترددًا في حكمه.
  • في هذه الحالة، يكون من الضروري تأكيد الخبر باستخدام أدوات مؤكدة مثل “أن” أو “إن”.
  • مثلاً، في قول الشاعر: إن الذي بمقال الزور يضحكني مثل الذي بقال الحق يبكيني.

الخبر الابتدائي

  • يظهر هذا النوع عندما لا يحتوي فكر المتحدث على أي قرار بشأن الخبر.
  • في هذه الحالة، يتم نقل الخبر إلى ذهنه دون استخدام أدوات التأكيد، مثل قول الشاعر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وتأتي على قدر الكرام المكارم.

الخبر الإنكاري

  • يتم استخدام هذا النوع عندما يتم إنكار الخبر من قبل المخاطب، مع استخدام أكثر من أداة تأكيد في نفس الوقت.
  • أحد الأمثلة الواضحة هو قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إن من الشعر لحكمًا، وإن من البيان لسحرًا”.
  • هناك أيضًا أدوات تأكيد متنوعة تتضمن أحرف القسم وأدوات الشرط.

أقسام الأسلوب الإنشائي

ينقسم الأسلوب الإنشائي إلى نوعين رئيسيين هما:

الإنشاء الطلبي

يتطلب هذا الأسلوب متطلبات محددة في وقت الطلب، مثل استخدام أساليب الطلب أو النهي أو الاستفهام.

أسلوب الأمر

يتسم هذا الأسلوب بأغراض بلاغية متعددة، ومن أبرز استخداماته:

الإكرام

مثل قول الله تعالى: “فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”، حيث يبرز فيه معنى الكرم.

الدعاء

تظهر الغاية من هذا الأسلوب في اللجوء إلى الله، كما في قول الله تعالى: “قال ربي أغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين”.

الالتماس

يستخدم هذا الأسلوب عندما تتساوى فيه مكانة الآمر والمأمور، مما يجعل الأمر لطيفًا، مثل قوله تعالى: “فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين”.

التسوية

يستخدم هذا الأسلوب لإظهار تفضيل أمر على آخر، كما في قوله تعالى: “وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور”.

  • إضافة إلى ذلك، هناك العديد من الأمثلة التطبيقية التي توضح استعمالات هذه الأساليب بشكل تفصيلي، مثل:
    • في كتاب الله تعالى: “ربنا اغفر لنا ذنوبنا”، حيث جاء الأمر في صيغة فعل أمر.
    • قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه”، حيث جاء الأمر في صيغة فعل مضارع مضاف إليه لام الأمر.
    • قول الله تعالى: “وبالوالدين إحسانًا”، حيث جاء فعل الأمر هنا في صيغة المصدر.
    • عبارة “عليك بتقوى الله”، حيث جاء فعل الأمر في صيغة اسم الفعل.

أسلوب النداء

  • يستخدم هذا الأسلوب عدة أدوات تشمل: هيا، أيا، أي، و، والهمزة.
  • على سبيل المثال، يمكن استخدامه في جملة مثل: “يا أخي انتبه”.

أسلوب الاستفهام

يشتمل أسلوب الاستفهام على نوعين رئيسيين:

الأسلوب الحقيقي

يستخدم لمعرفة معلومات مجهولة، مثل: “هل ذهب إلى العمل أمس؟”.

الأسلوب البلاغي
  • في هذا النوع، لا يكون هناك حاجة لمعرفة الإجابة، ولكن يحمل العديد من الأغراض البلاغية تبعًا لعملية التواصل.
  • مثال على ذلك: “ألم نشرح لك صدرك”.
  • توضح هذه النقطة الفرق بين الأسلوب الخبري والإنشائي.
أسلوب النهي
  • يُعتبر هذا الأسلوب جزءًا من الإنشاء الطلبي، ويظهر في شكل واحد عبر وضع “لا” الناهية قبل الفعل المضارع.
  • مثال: “لا تطلبوا الأشياء من غير أهلها”.
  • كما يحتوي هذا الأسلوب على أغراض بلاغية متعددة كمثل أساليب الأمر.
أسلوب التمني
  • يستخدم هذا الأسلوب للتعبير عن التمني وتعتمد بنيته على كلمة “ليت”.
  • يمكن استخدام أدوات أخرى مثل “لو”، “عسى”، “هل”. ومن الأمثلة: “هل ينتهي الكرب؟” و “ألا ليت الشباب يعود يومًا”.

الإنشاء غير الطلبي

  • لا يحتاج هذا الأسلوب إلى استدعاء أي متطلبات، ويظهر في صيغ المدح، الذم، التعجب والأقسام.
  • من الأمثلة: “ما أروع الطبيعة”، حيث يتم استخدام أسلوب التعجب، و “والله لا أكذب ثانية”، حيث يظهر أسلوب القسم.
  • وأيضًا “نعم الخلق الصدق”، مما يعكس أسلوب المدح، و “أسوأ الخلق الكذب”، المستخدم في أسلوب الذم.